شكيلا محمدي.. لاجئة أفغانية أُعيدت قسراً إلى بلد لا تجد فيه الطعام

شكيلا محمدي.. لاجئة أفغانية أُعيدت قسراً إلى بلد لا تجد فيه الطعام
لاجئون أفغان في إيران - أرشيف

بين الرمال الساخنة على حدود أفغانستان الغربية، تجلس شكيلا محمدي على بطانية مهترئة، تحيط بها أربعة وجوه صغيرة جائعة، فيما تنظر بعينين غارقتين في الذكريات، لا إلى الأمام.. "عدنا.. لكن هل هذا وطن؟" تسأل بصوت خافت متهدج، وقد فقدت أكثر مما تحمله حقائب العودة الخالية.

شكيلا.. هي واحدة من مئات الآلاف من الأفغان الذين طردوا قسرًا من إيران وباكستان خلال العامين الماضيين، في حملة ترحيل جماعي وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها "غير إنسانية وتمييزية"، بحسب ما ذكرت وكالة “أنباء المرأة”، اليوم الخميس.

فبعد أكثر من أربعة عقود من الحروب المتعاقبة، أصبح الأفغان من أكثر شعوب الأرض تشتتًا.. ملايين يعيشون في المنافي، وأجيال وُلدت لا تعرف شكل الوطن، إلا كأخبار تُروى من الأمهات.

لا خيار في ترك البيت

"لم تكن الهجرة خيارًا.. كنا نهرب من الموت"، تقول شكيلا، زوجة جندي أفغاني سابق فرّ مع أسرته إلى إيران بعد تهديدات من جماعات مسلحة. وصلوا بلا مال، بلا أوراق، وبلا ضمانات لحياة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة.

في إيران، عمل الزوج في البناء، وانتظرت الأسرة شهورًا لتتقاضى أجورها.. أما الطعام والمأوى، فكانا رفاهية.. "كانوا يبيعون لنا خبزًا قديماً، ويعطوننا أغذية منتهية الصلاحية لأننا أفغان"، تقول شكيلا، مضيفة أن التمييز كان يومياً "حتى في أبسط حقوق الإنسان".

بحسب تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فقد تعرض آلاف الأفغان في إيران وباكستان لمعاملة غير إنسانية منذ عام 2023، شملت اقتحام منازلهم، وترحيلهم دون إنذار، ومصادرة ممتلكاتهم، وحرمانهم من الأجور أو المساعدات.

عودة إلى المجهول

تقول شكيلا إن لحظة العودة لم تكن أقل قسوة من الهجرة، "طُردنا دون فرصة لجمع حاجياتنا.. كنا نعيش في خوف دائم من أن يطرق أحد الباب ويأمرنا بالمغادرة خلال دقائق".

وعند عبورهم الحدود، لم ينتظرهم أحد. "السيارة التي نقلتنا توقفت في هرات، أما باقي الطريق فقد تكفلت به مساعدات من بعض الناس الطيبين"، تضيف.

وفي الطريق، تروي حادثة لن تنساها: "امرأة حامل معنا وضعت مولودها في الصحراء.. لم يساعدها أحد.. مات طفلها أمام أعيننا، وضاع أبناؤها الثلاثة في الزحام. لم أتمكن من فعل شيء، كنت أحاول فقط إبقاء أطفالي الأربعة معي".

وعود طالبان.. والحقيقة الغائبة

رغم التصريحات الرسمية لطالبان بدعم العائدين وتوفير سكن لهم، تؤكد شكيلا أن "لا شيء من ذلك حدث". 

وتضيف: "طالبان كانوا يأخذون المساعدات من المنظمات، وما يصلنا هو ما يُعطى لنا من الناس مباشرة.. الحكومة لا تملك قدرة حقيقية على إعالتنا".

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 1.7 مليون أفغاني أُجبروا على العودة خلال عام 2024 وحده، معظمهم من إيران وباكستان. 

ووفقاً لتقرير حديث صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن 80% من العائدين يفتقرون إلى السكن، و70% ليس لديهم مصدر دخل.

وطن لا يعرف السلام 

ورغم النداءات المتكررة من منظمات إنسانية وحقوقية، لم تُخصص سوى نسبة ضئيلة من المساعدات الدولية لدعم العائدين الأفغان.. "العالم يتعامل معنا كأرقام في تقارير"، تقول شكيلا، "لكننا بشر.. ولدنا في وطن لا يعرف السلام، ولا نعرف له طريقاً".

الأفغان، الذين هربوا من الموت بحثاً عن حياة، وجدوا أنفسهم بين حدود ترفضهم، وحكومات لا تحميهم، وعالم يشاهد من بعيد.

وتبقى قصص مثل قصة شكيلا صرخة في وجه الضمير العالمي.. هل أصبحت الكرامة ترفًا في قاموس اللاجئين؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية